في تقرير كتبه ستيفن جانوت، أعلنت إيران ومصر موافقتهما على استئناف المحادثات السياسية الرسمية بينهما، في خطوة قد تعيد تشكيل العلاقة بين قوتين محوريتين في الشرق الأوسط، بينما تتزامن هذه العودة مع تصاعد الحرب في غزة، وتزايد التوتر في لبنان، وتجدد المخاوف المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. جاءت هذه الموافقة خلال اتصال هاتفي جرى يوم السبت بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طهران ونظيره المصري بدر عبد العاطي، وفق ما أوردته وزارة الخارجية الإيرانية.
أشار ذا ميديا لاين إلى أن متحدث الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أكد اتفاق الطرفين على عقد جولات جديدة من المشاورات السياسية، تركز على القضايا الثنائية والأزمات الإقليمية، واصفًا استئناف الحوار بأنه «تطور مهم» يعكس توجّهًا لإعادة ضبط العلاقات بعد عقود من القطيعة والتباعد.
تلاقي المخاوف الإقليمية: غزة ولبنان في قلب المشهد
عبّر الطرفان عن قلقهما المشترك تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في غزة ولبنان، واعتبرا أن هذه العمليات تنتهك تفاهمات وقف إطلاق النار المبرمة مع حماس وحزب الله. واتهم بيان صادر عن الخارجية الإيرانية إسرائيل بمواصلة ما وصفه بـ«العدوان والانتهاكات المتكررة»، ودعا القوى الدولية إلى التدخل لوقف التصعيد المستمر الذي يهدد بتوسيع رقعة الصراع في المنطقة.
في الوقت ذاته، حملت المكالمة بين الوزيرين نبرة تحذيرية من انزلاق الأوضاع إلى مواجهات أشمل، في ظل هشاشة الاتفاقات وتراجع فرص التهدئة، ما أضفى أهمية إضافية على استئناف التواصل السياسي بين طهران والقاهرة في هذه المرحلة الحساسة.
الملف النووي يعود إلى الطاولة
فتح النقاش أيضًا ملف البرنامج النووي الإيراني، حيث كررت طهران مواقفها التقليدية بشأن حقها في تطوير برنامجها النووي السلمي، بينما دفعت القاهرة باتجاه استئناف المفاوضات الدولية للوصول إلى اتفاق شامل يراعي مصالح جميع الأطراف ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأكدت وزارة الخارجية المصرية أن بدر عبد العاطي شدد، خلال حديثه مع عراقجي، على أهمية الحلول الدبلوماسية للحد من التوترات المتصاعدة. وكرّر عبد العاطي الرسالة ذاتها في اتصال منفصل جمعه بمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، حيث دعا إلى إحياء المسار التفاوضي ومنع الانزلاق نحو مواجهة نووية محتملة في المنطقة.
جذور القطيعة وإشارات التقارب الجديد
تعود القطيعة الدبلوماسية بين البلدين إلى عام 1980، بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتوقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى قطع العلاقات بين الجانبين. وعلى مدار العقود الماضية، اقتصر التواصل بينهما على تمثيل دبلوماسي منخفض المستوى وبعض التنسيق المحدود، بينما لعبت دول مثل العراق وعُمان أدوارًا وسيطة في مناسبات مختلفة.
خلال السنوات الأخيرة، بدأت إشارات التقارب تظهر بشكل متزايد، مع تسريبات عن رغبة الطرفين في إعادة السفراء وتوسيع مجالات التعاون، سواء سياسيًا أو اقتصاديًا. ويعكس إعلان استئناف المحادثات السياسية الرسمية رغبة مشتركة في تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة، في توقيت إقليمي بالغ التعقيد.
يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تمثل بداية تحول تدريجي في موازين العلاقات داخل الشرق الأوسط، خاصة إذا نجحت المحادثات المقبلة في بناء أرضية تفاهم حول الملفات الشائكة، وعلى رأسها الأمن الإقليمي، والنفوذ المتبادل، والاصطفافات السياسية المتغيرة.
ومع تصاعد الأزمات وغياب الاستقرار، يبدو أن القاهرة وطهران اختارتا طريق الحوار بدل القطيعة، في محاولة لتهدئة العواصف المتلاحقة التي تضرب المنطقة من غزة إلى جنوب لبنان، مرورًا بالملف النووي الذي لا يزال يشكّل أحد أكثر الملفات حساسية على الساحة الدولية.
https://themedialine.org/mideast-daily-news/iran-and-egypt-revive-political-talks-as-gaza-lebanon-and-nuclear-tensions-grow/

